قوله صلى الله عليه وسلم (ورجلان )هذا
على الغالب ولايراد ظاهره على الحقيقة فقد يحب مجموعة من الرجال بعضهم
البعض في الله وكذلك الحال في النساء سواء امرأتان أو مجموعة من النساء
يحببن بعضهن في الله. وقد يتصور هذا بين الرجل وإحدى محارمه أو بين
الزوج وزوجته ....وهكذا ويشهد لهذا حديث الصحيحين عن أنس مرفوعا: (ثلاث من
كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما
وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه
الله منه كما يكره أن يقذف في النار). فلفظة (من) في قوله (من كن فيه) تفيد العموم فتشمل الرجل والمرأة والمفرد والمثنى والجمع. وقوله (تحابا )أصله تحاببا في الله فحذفت إحدى الباءين للتخفيف. والمعنى هنا أوقع من قوله (وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله) لأنه قد يكون حب من طرف واحد. أما قوله (تحابا في الله) فيفيد معنى المشاركة في الحب وأن كليهما يحب صاحبه في الله فكل منهما محب ومحبوب. وفيه بيان حقيقة المحبة مع الدوام عليها محبة صادقة خالصة محبة نشأت لله فتدوم لوجه الله ومن أحبك لشيء أبغضك عند فقده.... فمن أحبك لدنياك كرهك لفقرك ومن أحبك لوظيفتك فارقك لعزلك ومن أحبك لمنصبك فارقك عند تغير أحوالك إذاً فانظر من تحب؟ وما أكثر الذين يدعون المحبة! ما أكثر من تلقاه فيقول: أخي إني أحبك في الله ولكن هل هو صادق أم صاحب مصلحة أو منفعة ؟ إذن ما هو الحب في الله ؟ معنى
الحب في الله: أن تكون المحبة خالصة لله لا يراد بها إلا وجهه الكريم حب
خال من أي غرض خال من شوائب الدنيا حب لا يقوم على الإعجاب بشخص أو
تجارة أو نسب أو رحم بل يقوم على التقوى والصلاح. وليس معنى هذا نفي المحبة بين الأقارب والشركاء في التجارة مثلا ....كلا فإنما المقصود أن تكون محبة الله هي الأساس.
|