ملفات حوارات قضايا مختارات فتاوى أخبار و تقارير الرئيسية


توديع الحجاج

 

 
 

بقلم: الشيخ أبو إسماعيل خليفة
الحمد لله شرع الشرائع فأحكم ما شرع وأوجد الكائنات فأبدع ما صنع أحمده سبحانه حمد من شكر الله بقلبه ولسانه والعمل وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فرض الحج إلى بيته الحرام ورتب على ذلك جزيل الأجر ووافر الأنعام فمن حجّ فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه نقيا من الذنوب والآثام.
و(الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) دار السلام وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خير من صلى وزكى وحج وصام. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الكرام وعلى التابعين لهم بإحسان ما تعاقبت الليالي والأيام وسلم تسليما

ترفق واستمع..
يا حادي العيس ترفق واستمع منّي وبلّغ إن وصلت عـــــــنّي وقف بأكناف الحجـاز ناشــــــــدا قلبي فقد ضـاع الغداة مـنيّ وقل إذا وصلت نحـو أرضــــــــهم ذاك الأسـير موثق بالحــــــزن عرّض بذكري عندهم عســاهـم إن سـمعوك سـائلوك عــــني قـل ذلك المحبوس عن قصدكم معـــــذب القـلب بكـل فــــــــن يقـول أمّلت بـأن أزوركـــــــــــــم في جملة الوفــد فخاب ظـــني أما بعد..
فيا عباد الله: اتقوا الله وأطيعوه وامتثلوا أمره ولا تعصوه واشكروه على أن هداكم لدينه الذي ارتضاه لنفسه ورضيه لكم دينـا وبناه على خمس دعائم: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا.
أيها المسلمون: عما قليل يحزم بعض إخواننا أمتعهم شادّين الرحال إلى بيت الله الحرام راجين من الله تكفير الذنوب والآثام والفوز بالجنة دار السلام. إنها رحلة العمر وإن شئتم قلنا رحلة الحب وإنّي اغتنم هذه المناسبة فأقول:
حجاج بيت الله: إنكم تتوجهون إلى بيت ربكم وحرماته إلى أمكنة فاضلة تؤدون فيها عبادة من أفضل العبادات لستم تريدون بذلك نزهة ولا فخرا ولا رياء بل تريدون عبادة تتقربون بها إلى الله وتخضعون فيها لعظمته. فأدّوها كما أمرتم وعظموا شعائر الله فإنها من تقوى القلوب.
حجاج بيت الله: تذكروا أنه في يوم من الأيام جاء إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام بهاجر وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعها عند مكان البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعها هناك ووضع عندها جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم مضى إبراهيم منطلقا فتبعته أم إسماعيل فقالت: (يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء؟ قالت ذلك مرارا وجعل إبراهيم لا يلتفت إليها فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم قالت: إذن لن يضيعنا) ثم رجعت.
فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل البيت ثم رفع يديه ودعا بهذه الدعوات: (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون). الآيات.(ابن الأثير في الكامل).
قال الرازي في الفخر: كلمة (مِن) في قوله تعالى: (فاجعل أفئدة من الناس) تفيد التبعيض والمعنى: فاجعل أفئدة بعض الناس مائلة إليهم. قال مجاهد لو قال: أفئدة الناس لازدحمت عليه فارس والروم والترك. فاشكروا الله ـ حجاج بيت الله ـ أن جعلكم الله هذا العام من هؤلاء الناس.
واغتنموا هذه الفرصة وابتدروها فإن لكم مكانة متميزة عند الله. فماذا يكون جزاء من ترك بيته وأهله متحملا مشاقّ السفر والترحال حتى يصل إلى بيت الله؟.
روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز ّوجلّ ليباهي الملائكة بأهل عرفة يقول: انظروا عبادي شعثا غبرا). فهذا الحديث ـ عباد الله ـ خير دليل على مكانة الحاجّ عند الله عز وجل فمعنى الحديث أن الله تبارك وتعالى يخاطب ملائكته يوم الحج الأكبر مفاخرا بعباده الصالحين الطائفين فيقول لهم: انظروا إلى هؤلاء الحجاج الذين قدموا مكة المشرفة والكعبة المطهرة جاءوا من بلاد نائية وأقطار بعيدة وتحملوا في سبيل ذلك تعب السفر ومشاقّ الترحال حتى بدت رؤوسهم مغبرّة متفرقة الشعر وتغيرت ألوانهم بسبب الغبار فانظروا إليهم معجبين بهم.

هذه منازلكم..
حجاج بيت الله: هذه منزلتكم عند الله فلا تجعلوا الدنيا أكبر همّكم ولا تحولوا عبادة ربكم إلى قصد المادة فترجعوا بالصفقة الخاسرة.
أيها الحجاج: كونوا خير سفراء لبلدكم في تلك الأماكن الطاهرة والتزموا بالخلق الإسلامي الرفيع في التعامل مع إخوانكم الحجاج عليكم أن تظهروا ما تنطوي عليه كلمة (جزائري) من قيم وفضائل ومعاملة وسلوك أنتم اصطفاكم الله واختاركم من بين أكثر من ستة وثلاثين مليون وجعل أفئدتكم تهوي إلى تلك الأماكن الفاضلة تحقيقا لدعوة سيدنا ابراهيم عليه السلام عندما دعا الله قائلا: (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم). إبراهيم:37. وعظموا شعائر الله لتجنوا في نهاية رحلتكم ثمرة التقوى. قال تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ). الحج : 32.
واعلمواـ حجاج بيت الله ـ أنّ المسبحة والسواك والهدايا ليست هي المطلوبة منكم وإن كانت مستحبة ومندوبة. كما ذكر ذلك الشيخ محمد سيدي عبد الواحد بن عاشر وهو يوصي الحاج: وسَـــــل شــفاعة وخـتــما حسنا وعجـّـــل الأوبـة إذنلت المـنى وادخل ضحًى واصحب هدية السرور إلى الأقارب ومـن بك يــــــدور بل المطلوب ـ يارعاكم الله ـ أن ترجعوا وقد بدأتم مع الله حياة جديدة وفتحتم صفحة بيضاء.
فقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه).
اللهم وفق حجاجنا للإخلاص في القصد والإصلاح في العمل.. آمين. الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد فيا حجاج بيت الله: إن الله سبحانه وتعالى جعل الحج مع الاستطاعة فرضا على المسلمين طبقا لقوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا..). آل عمران:97.

خير الزاد
وفرض على الحاج شروطا وألزمه واجبات علُّمتموها  فعليكم اعتبارها ومراعاتها إذا رغبتم في قبول أعمالكم قال تعالى: (الحج أشهر المعلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب). البقرة:197.
فتزودوا _ إخواني _ بالتقوى لحجكم واتصفوا بها لحياتكم ومعادكم واجعلوا التوبة من كل كبيرة وصغيرة توبة نصوحا خالصة لله. إخواني الحجاج: أنتم ذاهبون إلى هناك ولسان حال الواحد منكم يقول: لما سمعتُ نداء الله يدعوني شددت مئزر إحرامي ولبيتُ وقلتُ للنفس جدِّي الآن واجــتــهدي وساعديني فهذا ما تمنيتُ لو جئتكم زائرا أسعى على بصري لم أقض حقا وأي الحق أديتُ.
جعل الله حجكم مبرورا وسعيكم مشكور وذنبكم مغفورا وردّكم إلينا سالمين غانمين وغفر لنا ولكم وللمسلمين أجمعين اللهم زودهم التقوى واغفر ذنوبهم ولقّهم الخير حيثما توجهوا يا رب العالمين. اللهمّ ونحن قد حبسنا العذر فلا تحرمنا الأجر.
اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل ذنب والغنيمة من كل بر واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا اللهم وألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا واجعل بلدنا آمنا وسائر بلاد المسلمين اللهم وفق ولي أمرنا إلى ما تحب وترضى وخذ بناصيته إلى البر والتقوى وارزقه البطانة الصالحة التي ترشده إلى الخير وتعينه عليه يا ذا الجلال والإكرام ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. آمين.

 
   
 

 
           

 



أفضل 10مواقع إسلامية2020

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..هل أصبح موضة قديمة..؟

التسول ظاهرة اقتصادية.. والإسلام منها بريء


ما قل ودل من كتاب أدب الدنيا والدين

التمييز العنصرى ظلم ولكن...

فرح المؤمنين بمساجدهم


الداعية والمفكر الإسلامي الدكتور عمر عبدالكافي في حوار صريح

القضاء والقدر

جلول حجيمي :لا لمحاولات نشر التشيّع في الجزائر


الحرب على الحجاب تتمدد بالغرب

الإسلاموفوبيا تغزو الجامعات البريطانية

إبادة مسلمي ميانمار جريمةٌ حكومية ومسؤولية دولية




من تصميم
من نحن
إتصل بنا
islamarabi.com © 2015-2010
html hit counter
مقالات
مسلمون حول العالم
الرقية الشرعية
الطب النبوي
طريق التوبة
تفسير الاحلام
التنمية البشرية
بستان الحكمة
قضايا إسلامية
للأخوات فقط
فتاوى
مختارات
القدس
ملفات
أخبار و تقارير
حوارات