ملفات حوارات قضايا مختارات فتاوى أخبار و تقارير الرئيسية


فتح مكة·· الفتح المبين

 

 
 

إن الفتح المبين الذين أعز الله به جند الإسلام ورد لهم اعتبارهم ورفع به كرامتهم ورؤوسهم حتى بلغت عنان السماء فتوجتها، إنه الفتح الأعظم الذي قصم به الله دولة الكفر وأزال به شعائر الشرك ومعالم الطغيان، وأشرقت وجه الأرض مرة أخرى بالتوحيد والتحميد، إنه الفتح العظيم ليس للأرض فقط إنما هو فتح القلوب لدين الإسلام ودخول الناس في دين الله أفواجًا··
ولم يكن أشد الناس تفاؤلاً واستبشارًا بأن هؤلاء النفر المستضعفين بقيادة الرسول الذين خرجوا مستخفين من عدوهم فارين بدينهم تاركين ديارهم وأهليهم والدنيا بأسرها وراء ظهورهم خائفين مترقبين، هم هم الذين يعودون بعد ثماني سنوات بجيش كبير وإيمان أكبر لفتح البلد التي أخرجوا منها بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله، لم يكن أكثر الناس تفاؤلاً يظن أن الرسول سيعيد بناء الأمة ويكوّن دولة من مجموعة من الفارين المهاجرين بدينهم تستطيع أن تفتح معقل الكفر وعاصمة الشرك وبؤرة الإرهاب الوثني للمسلمين طيلة عشرين سنة, ولعل ما جرى يكون عبرة وعظة لأصحاب المناظير السوداء الذين لا يرون أبدًا وجه الشمس في أي عمل إسلامي ودعوي ويحكمون عليه بالفشل لا لشيء إلا لانتعاش الباطل في عيونهم، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون·
كان من بنود صلح الحديبية أن من أراد الدخول في حلف محمد - صلى الله عليه وسلم - وعهده دخل فيه، ومن أراد الدخول في حلف قريش وعهدهم دخل فيه، فدخلت (خزاعة) في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ودخلت بنو بكر في عهد قريش، وكانت بين القبيلتين حروب وثارات، فأراد (بنو بكر) أن يصيبوا من خزاعة ثأراً قديماً، فأغاروا عليهم ليلاً وقتلوا جماعة منهم، وأعانت قريش (بني بكر) بالسلاح والرجال، فأسرع عمرو بن سالم الخزاعي إلى المدينة، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بغدر قريش وحلفائها·
وعندما شعرت قريش بخطورة الأمر، سارعت إلى إرسال أبي سفيان إلى المدينة لتفادي المشكلة وتجديد الصلح مع المسلمين، ولكن دون جدوى، فقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين بالتهيؤ والاستعداد، وأعلمهم أنه سائر إلى مكة، كما أمر بِكَتْم الأمر عن قريش حتى يباغتها في عقر دارها·

إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا
وفي يوم الأربعاء العاشر من شهر رمضان المبارك من السنة الثامنة للهجرة غادر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة في عشرة آلاف من أصحابه بعد أن استخلف عليها أبا ذر الغفاري رضي الله عنه·
ولما كان بـ (الجحفة) لقيه عمّه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه ، وكان قد خرج بأهله وعياله مهاجراً ·
ثم واصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السير وهو صائم والناس صيام، حتى بلغ (الكُدَيْد) ـ وهو ماء بين عُسْفَان وقُدَيْد ـ فأفطر وأفطر الناس معه، ثم سار حتى نزل بـ (مَرِّ الظهران)، وهناك ركب العباس بغلته البيضاء يبحث عن أحدٍ يبلغ قريشاً لكي تطلب الأمان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يدخل مكة·
وكان أبو سفيان قد خرج يتجسس الأخبار فلقيه العباس فنصحه بأن يأتي معه ليطلب له الأمان من رسول الله، ولما دخلا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: (ويحك يا أبا سفيان  ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟···ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟)، والعباس يقول له: (ويحك أسلم)، فأسْلَم وشهد شهادة الحق، فقال العباس: (يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً)، قال: (نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن)·
ثم غادر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (مرّ الظهران) متوجها إلى مكة، وقبل أن يتحرّك أمر العباسَ بأن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادي، حتى تمرّ به جنود الله فيراها، فمرّت القبائل على أبي سفيان والعباس يخبره بها، حتى مرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتيبته الخضراء ومعه المهاجرون والأنصار، فقال أبو سفيان: سبحان الله؟ ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة، ثم أسرع إلى قومه صارخاً بأعلى صوته: (يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به)، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، فقالوا: قاتلك الله وما تغني عنا دارك؟ قال: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، فتفرّق الناس إلى دورهم وإلى المسجد، وتجمع سفهاء قريش وأوباشها مع عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو لمقاتلة المسلمين·
وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فسار حتى انتهى إلى (ذي طوى)، وهناك وزّع الجيش، فأمَر خالد بن الوليد ومن معه أن يدخل مكة من أسفلها، وأمر الزبير بن العوام - وكان معه راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدخل مكة من أعلاها - من كداء - وأن يغرز رايته بالحجون ولا يبرح حتى يأتيه _، وأمر أبا عبيدة أن يأخذ بطن الوادي حتى ينصب لمكة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم_-_·
فلقي خالد وأصحابه سفهاءَ قريش الذين عزموا على القتال، فناوشوهم قليلاً ثم لم يلبثوا أن انهزموا، وقُتِل منهم اثنا عشر رجلاً، وأقبل خالد يجوس مكة حتى وافى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا، وأما الزبير فتقدم حتى نصب راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجون عند مسجد الفتح، وضرب قبة هناك فظلّ هناك حتى جاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -·
ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة من أعلاها من (كداء)، وهو مطأطئ رأسه تواضعاً وخضوعا لله، حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، حتى إن شعر لحيته ليكاد يمس واسطة الرحل·
ثم نهض رسول الله والمهاجرون والأنصار بين يديه وخلفه وحوله حتى دخل المسجد، فأقبل إلى الحجر الأسود فاستلمه، ثم طاف بالبيت وفي يده قوس، وحول البيت وعليه ثلاثمائة وستون صنما، فجعل يطعنها بالقوس ويقول: {وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا} (الإسراء:81)، {قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد} (سـبأ:49)، والأصنام تتساقط على وجوهها، ثم طاف بالبيت، وكان طوافه على راحلته ولم يكن محرما يومئذ، فاقتصر على الطواف، فلما أكمل طوافه، دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة فأمر بها ففتحت، فلما دخلها رأى فيها الصور ورأى صورة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام يستقسمان بالأزلام، فقال: (قاتلهم الله، والله ما استقسما بها قط) ثم أمر بالصور فمحيت، وصلى داخل الكعبة، ودار في نواحي البيت وكبر الله ووحده·
ثم خرج - صلى الله عليه وسلم وقريش صفوفاً ينتظرون ما يصنع بهم ، فقال: (يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟)، قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، قال: (فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوانه: {لا تثريب عليكم اليوم} (يوسف:92)، اذهبوا فأنتم الطلقاء) ، ثم أعاد مفتاح البيت إلى عثمان بن طلحة، وأمر بلالاً أن يصعد فيؤذن·
وفي اليوم الثاني خطب - صلى الله عليه وسلم - خطبته المشهورة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال_: (يا أيها الناس: إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، فلا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دما أو يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخَّص لقتال رسول الله، فقولوا إنّ الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما حلَّت لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد الغائب ) رواه البخاري، وخشي الأنصار بعد الفتح أن يفضل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإقامة بمكة فجمعهم وقال لهم: (معاذ الله، المحيا محياكم، والممات مماتكم) رواه مسلم·
ثم بايع الرجال والنساء من أهل مكة على السمع والطاعة، وأقام بها تسعة عشر يوماً يجدد معالم الإسلام، ويرشد الناس إلى الهدى، ويكسر الأصنام، ثم قفل راجعاً إلى المدينة·
فكان يوم الفتح يوماً عظيماً أعزّ الله الإسلام وأهله، ودحر الكفر وحزبه، واستنقذ البيت العتيق والحرم الآمن من أيدي الكفار والمشركين، وبعده دخل الناس في دين الله أفواجاً وأشرقت الأرض بنور التوحيد والهداية·

 
   
 

 
           

 



أفضل 10مواقع إسلامية2020

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..هل أصبح موضة قديمة..؟

التسول ظاهرة اقتصادية.. والإسلام منها بريء


ما قل ودل من كتاب أدب الدنيا والدين

التمييز العنصرى ظلم ولكن...

فرح المؤمنين بمساجدهم


الداعية والمفكر الإسلامي الدكتور عمر عبدالكافي في حوار صريح

القضاء والقدر

جلول حجيمي :لا لمحاولات نشر التشيّع في الجزائر


الحرب على الحجاب تتمدد بالغرب

الإسلاموفوبيا تغزو الجامعات البريطانية

إبادة مسلمي ميانمار جريمةٌ حكومية ومسؤولية دولية




من تصميم
من نحن
إتصل بنا
islamarabi.com © 2015-2010
html hit counter
مقالات
مسلمون حول العالم
الرقية الشرعية
الطب النبوي
طريق التوبة
تفسير الاحلام
التنمية البشرية
بستان الحكمة
قضايا إسلامية
للأخوات فقط
فتاوى
مختارات
القدس
ملفات
أخبار و تقارير
حوارات